الفن والثقافة

الأخلاق أساس المجتمعية

فالأخلاق توحد ما بين العقل التحليلي والعاطفي وتخلق التوافق ما بين المجتمع...

أكاديمية الثقافة والفن

الأخلاق يعني التعبير عن كافة العمليات المجتمعية والأسلوب المناسب لتنظيم الحياة، وقد ظهرت الحاجة إلى الأخلاق وذلك من اجل تنظيم كافة الاحتياجات المجتمعية. وعلى مر تاريخ المجتمعية عندما استخدم الأخلاق بشكل سليم فقد أصبح ذلك سببا أساسيا في عيش المجتمع بشكل طبيعي ومشترك. بالتالي عندما طرا الانحراف عن معنى ومبادئ الأخلاق وقتها تسلطت الأساليب الخاطئة على أسلوب الحياة، ومثلما أراد هذا المفهوم الإطاحة بوجدان المجتمع أو الأخلاق على مر آلاف السنوات، كذلك الأمر يريد هذا المفهوم نفسه الإطاحة بأخلاق المجتمع في وقتنا الحاضر أيضا وحتى بشكل أقوى عن السابق. ومثلما هو معروف للجميع فان المجتمع أكثر ماعاش على معاني الأخلاق، كذلك في يومنا الحاضر أيضا فان المجتمع يستند على هذه الحقيقة للاستمرار في وجوده كما انه يناضل ضد السلطة عبر هذه الحقيقة أيضا، وهكذا فان كافة النتائج التي يحققها المجتمع نتيجة هذا النضال هي عبارة عن نتائج اجتماعية. كافة القيم المجتمعية أيضا تعد قيم أخلاقية، فقد كانت المبادئ الأخلاقية في المجتمع الطبيعي قوية جدا، كذلك يعد الاعتقاد المبدأ الأكثر ارتباطا مع مبدأ الأخلاق، فقد فتح الاعتقاد الأبواب أمام الكثير من الأشياء حتى قبل أن يتكلم الإنسان ويفكر ويقوم بتطوير ثورة اللغة. لاوجود للمجتمع بدون اعتقاد، الأخلاق هو أسلوب الحياة الأكثر تنظيما، والإنسان بحد ذاته عبارة عن كائن أخلاقي، فالأخلاق توحد ما بين العقل التحليلي والعاطفي، وتخلق التوافق ما بين المجتمع. الأخلاق قوة المجتمع المنظمة والمبنية على المبادئ الراسخة، فعلى ذكر المثال الإنسان عبارة عن كائن له بدن وفكر، بحيث إذا كان عضوا ناقصا في البدن فان هذا البدن لايقوى على الوقوف بشكل قوي وسريع، ولكن إذا اكتملت الأعضاء فان ذلك البدن يصبح قويا في طبيعته، أو إن صح التعبير نستطيع القول بان الأخلاق هي الروح التي تدب في المجتمع الحركة والنشاط، وتعمل على سير المجتمع، وتتجه به نحو المساواة. لامعنى للمجتمع الحر والمتساوي بدون الأخلاق، هذا هو الموضوع الأساسي الذي اعتمد عليه المجتمع الطبيعي في تطبيق الحياة المبنية على أسس المساواة، فالحياة المبنية على أسس المساواة تصبح الأساس في الحياة المبنية على أسس الأخلاق، فالأخلاق هو الذي يشكل الفارق الأساسي ما بين الإنسان والحيوان. السياسة تلعب دورها أكثر في الحياة اليومية وبناء المؤسسات ولكن الأخلاق يشكل أساس المجتمع، وهذا ما شكل السبب الكامن وراء استمرار المجتمع إلى يومنا الراهن. وعندما نأتي على ذكر المجتمع الطبيعي فان أول ما يأتي إلى مخليتنا هو بناء الحياة على الأسس المتكاملة، والعيش وفق المبادئ الصحيحة. بالإضافة إلى العيش بمحبة وتفاهم وحرية والارتباط مع القيم الأخلاقية. فعلى سبيل المثال تعاش هذه الحقيقة في القرى على أنها ثقافة الأم، أو أنها المبادئ الأكثر أساسية للمجتمع والتي تنمو على جذورها، وبهذا الصدد يقول رائد الشعب الكردي عبد الله أوجلان:"كل نبات ينمو على جذوره"، وبالتالي عندما تكون الجذور قوية وأصيلة وقتها يستطيع إبداء قوة المقاومة أمام كافة العوائق والصعوبات. فالأخلاق هي التي تصبح منبع سير الإنسانية، بالتالي فالمجتمع الذي يفتقر إلى الأخلاق لافرق بينه وبين مجموعة الحيوانات. ولكن في يومنا الحاضر، يفرض النظام الذكوري الحاكم كافة الممارسات الغير أخلاقية والتي تفتقر إلى المبادئ والثقافة على المجتمع، وذلك عبر أساليب خاصة، كما تقوم بغسل أدمغة البشر وذلك عن طريق وسائل الإعلام، بمقدورنا القول بان النظام الذكوري الحاكم ينمو في الأمكنة التي تفتقر إلى الأخلاق، ويقوم بنشر جذوره التي تفتقر إلى الأخلاق والوجدان بين المجتمع، كذلك عن طريق القتل والدمار والنهب والسيطرة على كافة القيم المقدسة للمجتمع، فقد حقق هيمنته على المرأة التي تعد أكثر قيم المجتمع قدسية، كذلك فقد طبق أزمة الثقافة والهوية في البداية على المرأة، ففي وقتنا الحالي قد انتشرت بيوت الدعارة بشكل أكثر عن عدد البشر المتواجدين على الأرض، بقدر ما يزداد النظام المتسلط قوة، يصبح الأخلاق أكثر ضعفا، ولكن بقدر ما يكون الأخلاق قويا يكون النظام المتسلط ضعيفا، كذلك فقد تم إفراغ فكر ومشاعر المرء من محتواه، وترك بعيدا عن المجتمع، ومنفصلا عن الحقيقة. وهنا نستطيع القول بان هذا الأمر هو الانحراف عن المسار الصحيح الذي يهدف النظام المتسلط إلى بناءه في ذهنية الإنسانية. ظهور الرائد ابو هو بمثابة إعادة نمو قيم المجتمع الطبيعي، أو كيف إن ظهور المجتمع الطبيعي هو بمثابة الظهور الأول فان ظهور الرائد ابو هو الخروج الثاني. فقد طور ثورة الحياة والفكر عبر فكره المجتمعي. فقد تعمق الرائد ابو على الممارسات الخاطئة التي يطبقها النظام المتسلط على المجتمع بشكل دائم وفي الوقت نفسه فقد أبدى الأفكار الجديدة بصدد ذلك، ولكن النظام المتسلط قد قتل في المجتمع قوة الفكر والتعمق والتطور من الجذور، لان النظام المتسلط يرى في الفكر نهاية لوجوده. ومثلما نرى في يومنا الحاضر أيضا فان النظام المتسلط يسعى إلى بناء عالم من الآليين، ولان النظام المتسلط قد احدث شرخ كبير في أخلاق و وجدان المجتمع، فان بعض الناس يموتون من الجوع والبعض يعيش في ترف وبذخ، وفي الوقت نفسه فقد قضى هذا الجوع والترف على المجتمع. النظام المتسلط يفتقر إلى الثقافة والأخلاق والحقيقة والتاريخ. لهذا السبب يسعى إلى جعل كل شيء مناسبا لتحقيق مصالحه. وبهذا الصدد يقول رائد الشعب الكردي عبد الله أوجلان:"سارق المنزل" فهو يخدر المرء ويدخل إلى الأرواح. ولكن الإنسانية تصل بنفسها إلى الحقيقة وتقوم بتدمير ذهنية النظام المتسلط وذلك مع نضال حزب العمال الكردستاني(PKK). لهذا السبب يرغبون في تصفية نضالنا، ولكنهم لايعلمون بان هذا النضال هو نضال الشعب والحقيقة، وقد ارتبط هذا النضال مع الفكر الابوجي ولايقبل أبدا الظلم وعدم الأخلاق، حيث لم يقبل نضالنا أبدا بتلك النقاط التي يرغب النظام المتسلط في تطبيقها على المجتمع والعالم، ولن يقبل بها أبدا أيضا.  يسعى النظام المتسلط إلى إضفاء المشروعية على نفسه، وذلك عن طريق وضع الحقوق مكان الأخلاق. وذلك عن طريق جعل القوانين والمقاييس المتناسبة مع مصالح الدولة على المجتمع ذات مشروعية ومقبولة. ولكن لاتستطيع كافة قوانين ومقاييس الدولة أن تأخذ مكان الأخلاق، لان الأخلاق قوة مرتبطة مع المجتمع، فهي التي تضفي المشروعية على المجتمع وتقوم بحماية المجتمع، وتضم كافة المكونات الاجتماعية، وتعمل على بناء الوحدة والاتحاد فيما بين مكونات المجتمع، ولكن حقوق الدولة التي تسعى إلى وضع المجتمع تحت سيطرتها وذلك عن طريق القانون قد وضعت المجتمع بين أربعة جدران، لان الإنسانية لم تنمو مع الدولة أو القانون أو بعض مقاييس الدولة، وإنما توجد قوة واحدة وهي قوة الأخلاق. أي ليست الحقوق ولا الدولة. ولكنهم يظهرون وكان الحقوق هل كل شيء وبدون الحقوق لاوجود للمجتمع. هذه الذهنية لاتفتح الأبواب أمام قبول التعدديات والغنى المجتمعي وإنما على العكس تحمي هذه الذهنية اللون الواحد فقط، فالحقوق هي من اجل تقوية الدولة وتدمير المجتمع. ولكن فلسفة وإيديولوجية القائد ابو الديمقراطية ضد النظام المتسلط يرغب في بناء المجتمع الأخلاقي والسياسي. بالإضافة إلى ذلك يعد الوصول إلى الحقيقة بمثابة إظهار جوهر المجتمعية إلى الوسط وفي الوقت نفسه أيضا يعني إظهار حقيقة النظام المتسلط إلى الوسط.