لابدَّ من تأمين ظروف الصحة والأمن وحرية الحركة لأتمكَّن من لعبِ دوريَ المطلوب

حسب المعلومات الواردة في وسائل الإعلام فإنَّ الولايات المتّحدة قد شاركت في فترة الاشتباكات هذه عبر الوسائل الجويّة الخالية من البشر...

يسألون عن صحتي فأقول لهم:" إنّني أصارع، كيف لهم أن يدركوا هذا الصراع، فألمهم هو النتيجة التي يمكننا الوصول إليها عبر هذا الصراع"

 

يُقال أنَّ القوات الإيرانية مستمرة في حملتها التمشيطية التي بدأت في قنديل منذ 16 تموز، حيث يقوم ثلاثون ألفاً من عناصر القوات الإيرانية المدججة بأحدث التكنولوجيات بهجمات مكثفة في " دولاكوكي، خنيرة، خاكوركة"، ويقال أن إيران قد فقدت أكثر من 150 عنصراً من قواتها بينهم ثلاثة جنرالات، كذلك فقدَ ثلاثة عشر من الغيريلّا حياتهم في هذه الاشتباكات، وحسب المعلومات التي نشرت في وسائل الإعلام يُقال أنَّ كلاً من إيران وتركيا ومعه الجانب العراقي قد عقدت اجتماعاً في الشتاء السابق، حيث اتخذت فيه قراراً بالهجوم على قنديل، وقد نودي إليها قوى الجنوب أيضاً لكن هذه القوى لن تشارك في هذه الهجمات بشكل مباشر، فأنا أعتقد حازماً أن تركيا تعمل في هذا الاتجاه، والسؤال ما هي القوى الأخرى المشاركة؟

 

حسب المعلومات الواردة في وسائل الإعلام فإنَّ الولايات المتّحدة قد شاركت في فترة الاشتباكات هذه عبر الوسائل الجويّة الخالية من البشر، حيث قدّمت تلك المعلومات إلى إيران بشكل غير مباشر عبر تركيا، وهذا إنما يؤكّد أنَّ أنقرة تشارك فعلياً في هذا العمل، وهذا هجوم سافل ودنيء ومقزز ووضيع تتبناه إيران في الوقت الراهن، وبكل صراحة هذا الهجوم لا يستهدف قنديل فقط، بل يستهدف قطع شرايين الحرية للكرد في الأجزاء الأربعة من كردستان وإنهاء الحركة تماماً، الغيريلّا تعرف كيف تحمي نفسها، إنها تحارب.

 

يريدون قتل شرايين الحرية في حركة الكرد في إيران من جذورها، إنه خطر كبير وهجوم ذو أبعاد إقليمية، تريد تركيا دفع إيران إلى الواجهة والساحة، لكن يبدو أن إيران لا تدرك مخاطر ذلك، فإيران تلعب لعبة خطيرة وليس هناك من يفهم هذا في تركيا أيضاً.

 

هموم الحكومة واهتماماتها مختلفة، تسعى لإنقاذ يومها، فإيران لن تتوقف عند هذا الحد، بل ستعمل على الضغط على تركياً أيضاً لأن إيران تسعى لحماية امتداداتها في المنطقة امتداداً حتى إسرائيل وتركيا تعي ذلك حيث تبدو الأمور خطرة.

 

سياسات الولايات المتحدة تبدو عجيبة ومنفرة، حيث إنها موضوعياً تقدم الدعم لإيران وتحتل مكانها في الجانب الإيراني.

 

يجب حماية المدنيين والعائلات في قنديل والقيام بالإجراءات الأمنية اللازمة لذلك ويمكن إخراج المدنيين من تلك المناطق وإبعادهم عنها إذا احتاج الأمر لذلك لا بدَّ من لفت أنظار اهتمامات المؤسسات الدولية إلى إيران وممارساتها.

 

قوى الجنوب لا تزال صامتة لا بد من تنبيهها وتحذيرها فتركيا تريد الكرد والمسألة الكردية عبر إيران وهذا مخطط على مستوى المنطقة برمتها، فهم يريدون القضاء على مكتسبات الكرد في هذه المرحلة، حيث أن إيران ترسل برقيات الرضا والتعاون والتقارب مع إسرائيل والولايات المتحدة عبر هذا الهجوم، كذلك فإن أحمدي نجاد والملالي في إيران، بالإضافة إلى رسائلهم المضادة لأمريكا وإسرائيل، يريدون توجيه الرسائل إلى تركيا أيضاً لجذبها إلى جانبها.

 

لنعد إلى موضوعنا الأساسي، أقولها لكل من الدولة ومنظومة المجتمع الديمقراطي(kck) ، لا يمكنكم استخدامي كوسيط.

 

(KCK) تستخدمني بهذا الشكل، وكذلك تريد الهيئة المرسلة من قبل AKP، فكلا الطرفين يسعيان لاستخدامي بهذا الشكل، أقول لهم أنني هنا لا يمكن أن أقوم بدور القيادة العملية في هذه الظروف، قلت لهم أنه لا يمكنني الاستمرار بهذا الشكل، وسأخصص اجتماعنا اليوم لهذا الموضوع.

 

كلا الطرفين يقولان لي أشياء معينة يرسلون لي رسائلهم وبرقياتهم، فما تقوم به الدولة و AKP واضح وبيّن وقنديل تكتب لي قائلة: "إننا نستفيد من كتاباتكم، إنها تضيء طريقنا"، كلا الطرفين يعملان على مداراتي وهذا بالأساس نوع من التهديد والوعيد.

 

انتهى ما سأقوم به، وإذا ما كان المطلوب مني القيام بدور ما، فلابدَّ من تأمين ظروف الصحة والأمن والحركة الحرة، ودون تأمين ذلك لن أقوم بأي عمل، حيث أنَّ وضعاً كهذا لي يلحق الضرر بالكرد وبالمصالح العليا للدولة أيضاً، وإسماعيل بشكجي كان مصيباً في قوله:" إن أوجلان لا يمكنه إدارة الوضع من هناك في هذه الظروف، ولا يمكنه بدور القيادة العملية من الداخل"، نعم، لا يمكن إدارة عملية السلام في ظروف كهذه.

 

وضعي يشبه وضع مانديلا في جنوب إفريقيا وديزمونت توتو قال لمانديلا:" لا تتدخل في عمل كهذا دون أن تكون حراً، إنه أمر خطير"، وكان مصيباً، لكنهم بعدها مهدوا السبيل أمام مانديلا ومنحوه الإمكانيات، وأنا أقول هنا:" دون أن أكون حراً، ودون أن أكون حراً وطليقاً في تحركاتي، لن أتدخل في عملية السلام هذه، لن أتدخل في عملية السلام هذه ولن أشارك فيها، فلم يعد صحيحاً أن أستمر في العمل كالسابق.

 

تعلمون جيداً أن جنوب إفريقيا أمّنت الظروف اللازمة لمانديلا، وهو الآخر لعب دوره، وهنا لابدَّ من القول أن وجود دوكلارك كان مهماً، حيث قام بأمور هامة ليتمكن مانديلا من القيام بدوره.

 

في تركيا لا أحد يقوم بدور دوكلارك، فأردوغان - دعك من دوكلارك – يقوم بدور جيلر، حيث يقوم الآن بتسيير حملات تمشيطية متواصلة وهيئتهم لم تتمكن من أداء ما عليها، كذلك لم تفعل منظومة المجتمع الكردستاني KCK، لذا لا يمكننا تحقيق التقدم في هذا السبيل بهذا الشكل، لا بل إنه يلحق الضرر بما يسمى المصالح العليا للدولة والكرد معاً، ومن هنا أقول: " إن الاستمرار بهذا الشكل وفي هذه الظروف أكثر، لا يخدم مصالح الكرد"، لقد سهلت مهمة كلا الطرفين، فقدمت لهم الاقتراحات والبروتوكولات وبيّنت لهم طرق الحل، أي أنني خطوت خطوات تسهل قيامهم بمهامهم، فماذا علي بعدُ أنْ أفعل؟!

 

فماذا علي أن أفعل أكثر من حديث ساعة؟. قلْ شهر أو سنة بعدَ الآن!!

 

كلا الطرفين موقفهما مختلف يريدونني هنا كوسيط كلاهما يعملان على مداراتي، لكن أنا لست ممن يمكن مداراتهم بهذا الشكل، عليهم أن يدركوا ذلك جيداً، فلا يمكن أن أسمح لأحد بالتلاعب بشرف الكرد وكرامتهم مهما مكنني الأمر.

 

أرسلوا لي منذ فترة خبراً مفاده أنه قد تم وقف إطلاق النار، وها هي سنوات خمس تمر، وليعلم الجميع أن أوجلان يعلن إنهاء القيام بدور الوسيط ولن يسمح بهذا بعد الآن.

 

على قنديل وحزب السلام والديمقراطية BDP أن يدركا ذلك تماماً كلاهما يقولان:" أنه يتعذر عليهما السيطرة على الشعب، بالكاد نتمكن من تهدئة الجماهير التي وصلت إلى نقطة الانفجار" حينها دعه ينفجر، يقولون:" إذا لم تحل القضية سنبدأ بحرب الشعب الثورية، لأننا جاهزون للحرب والسلم". أقول لهم:" هل من مانع لديكم الخيار لكم في هذا الأمر، لكن لا تتكلوا عليَّ بعد الآن في هذا الموضوع، فتركيا مستمرة في مقولاتها السابقة، سننهيهم بهذا الشكل أو بذاك أقول لهم إن أمكنكم ذلك ولم تفعلوا، فليس هناك ما هو أوضع من ذلك".

 

الإعلام المقرب من الحكومة بدأ في الآونة الأخيرة يكرر:" إن الحكومة ترغب بحلّ القضية الكردية، وأنها ستقوم بخطوات هامة في هذا الإطار، إلا أنَّ التنظيم يقف حجر عثرة في طريقها، لذا لابدَّ من إزالة هذه العراقيل".

 

فهمي كورو كتب قبل أيام في زاويته عن مثال سيريلانكا ، أجل، صحيح، فلتفعل الحكومة ما تريد، فلتدفع بالقوات الخاصة والقوات الأمنية، أو تربط القوات الأربعة بقوة واحدة فقط، أو تبني قوة ثالثة أو غير ذلك، وحتى بالأمس فإن رئاسة الوزراء عقدت اجتماع قمة ولا علم لي بما توصلت إليه من قرارات، لكنّي لم أعُدْ معنياً بهذا الأمر.

 

يقولون أنها ستكون مثل سيريلانكا وأقول لكم:"إذا لم تهاجموا وتقصفوا قنديل بثلاثمائة طائرة، ولم تنهوا وجود الحركة فإنكم عديمو الشرف والأخلاق، كما أقول للآخرين أثبتوا لهؤلاء أنكم لا تشبهون سيريلانكا، لن أقوم بدور الوسيط بعد اليوم، كما أنني قلت ذلك للهيئة المحاورة، إضافة إلى أنّي وجّهت نداءً لأردوغان أنني سأسحب الغيريلّا إلى ساحة آمنة، لكنهم لم يمنحوا إمكانية تحقيق حتى مثل هذا الأمر وعلى الرأي العام أن يعلم هذا جيداً، أقول لهم:"أنني أريد سحب القوى المسلحة إلى ساحة آمنة، لكنّي لا أجد الجواب لذلك"، فماذا عليَّ أن أفعل بعد الآن، AKP أي "حزب العدالة والتنمية" تريد الحرب ولا تريد الحل، وبهذا الشكل لا يمكن إيقاف دموع الأمهات التي تدّعي أنك تقدّرها كثيراً يا رئيس الوزراء، لا بدّ من سحب القوى المسلحة إلى مناطق آمنة كي تتوقف دموع الأمهات، إلا أنكم لا تمهدون حتى لهذه الخطوة، بل على العكس تستمر الحملات التمشيطية اليومية والاشتباكات وتتواصل الضحايا والقتلى من العسكر والغيريلّا في كل يوم، فكيف للسلام أن يحلَّ في مكان تسيل فه الدماء؟! هذه هي رسالتي المفتوحة إلى قيادات رئاسة مجلس الوزراء، فإذا كنتم ترغبون بوقف دموع الأمهات، فافتحوا الطريق أمام سحب الغيريلّا نحو مناطق آمنة، وإن فعلتم ذلك، فالقضية ستحل خلال أسبوع.

 

أحمد آلتان يتحدث في مقالته أن الحرب قادمة رويداً رويداً وأنني أنا الشخص الوحيد الذي يمكنه إيقاف هذه الحرب هذا أمر حسن لكن لا يمكنني تحقيق ذلك والنجاح في هذه المهمة عبر ساعة وساعتين من اللقاء والحوار خلال شهر أو سنة، فإن كان يستطيع هو تحقيق ذلك في مثل هذه الظروف فليتفضل ويفعلها، يجب أن يُقال له أنه ليتمكن أوجلان من لعب دوره لابدَّ على الحكومة أن تخطو بعض الخطوات أولاً أي لتظهر الإرادة اللازمة، كما عليهم هم أيضاً أن يؤدوا ما عليهم من واجبات، فكيف لهذه الأمور أن تتحقق من طرف واحد وفي هذه الظروف؟!

 

هؤلاء مثقفون ليبراليون أقول لهم لا يجوز هذا إنهم يرمون بكل الأثقال على كاهلي وينتظرون مني كل شيء، فكيف لي أن أعمل وأنتج في مثل هذه الظروف؟!، فأنا لا أحمل عصىً في يدي تساعدني على الحل لتوجيه دابة ما، لابدَّ من أن تحمل عصىَ تقوده به، وأنا وضعي الآن أشبه بمن يسبح في حوضٍ لا ماء فيه، فالحوض لا ماء فيه ويقال لي أسبح، فكيف أسبح بهذا الشكل وهل يجوز ذلك؟ ماذا يمكنني أن أفعل في مثل هذه الظروف؟

 

ما أستطيع فعله في مثل هذه الظروف يبقى محدوداً ولا يمكن رؤيته جيداً، لكن ليس هناك ساحة مسؤولية أخرى ولا أحد يوضح الأمور بشكل جيد، ومع ذلك يطلبون مني السباحة في الحوض الجاف، لا بل ينتظرون مني أن أسبح في الهواء.

 

أوضحت لتلك الهيئة أنني لا أستطيع الاستمرار في مثل هذه الظروف، وأعتقد أنني سألتقي الهيئة مرة أخرى وسأوضح لهم قراري هذا، وبعدها فإنني لن أتدخل في كلا الطرفين أقصد قنديل والدولة، فإن أمكنهما ذلك فليتفقا أو إن كان بإمكانهما الحرب فليحاربا، أما إن رغبا في أن ألعب دوراً في هذه المرحلة فلدي شروط ثلاثة لابدَّ منها ألا وهي:" الصحة والأمن وإمكانية التحرك الحر"، فإن أمكنهم تحقيق هذه الشروط سأستمر في حال اتفق الطرفان على دور لي، وإذا حققوا الشروط الثلاثة الآنفة فسأقوم بلعب دوري كاملاً، فدون تحقيق هذه الشروط لا يمكنني الاستمرار أكثر.

 

أنا لا أرغب في أن تذرف دمعة واحدة من عين أيِّ أم لأن الدموع تؤلمني، كما أنّي أريد للرأي العام في تركيا أن يعرف ذلك جيداً، فقد قلت لرئيس الوزراء:" لنجمع الغيريلّا في مكان واحد ولنحل القضية في أسبوع واحد"، ولكن لا جواب ولا صوت صدر من رئيس الوزراء.

 

تكتبون عن البدرخانيين لكنكم لا تدخلون إلى أعماق موضوع اليوم، فـ جلادت علي بدرخان أدرك القضية، فهمها وحللها وبحث فيها جيداً، كتبر رسالة لمصطفى كمال، ولم يكن قادراً على الكثير فبقي صغيراً بسيطاً في تلك الفترة ولم يفعل الكثير، أما أنا ورغم كل هذه الظروف فقد أنجزت أعمالاً كثيرة، هل يجري تجاهل هذا الأمر؟

 

جنكيز هو الآخر كتب كثيراً في محاولة لإيضاح أمور ما، لكنه هو الآخر غير مدرك لأعماق الموضوع بالذات فظل ناقصاً، فكلكم متشابهون وكأنه ينطبق عليكم مقولة: " الولد سرُّ أبيه " أو "طنجرة ولقت غطاها".

 

كلمتي هذا اليوم أقدمها تأبيناً لذكرى أفريم دمير التي تعتبر أكثر من فهم هذه المرحلة بشكل صحيح، فتاة شابة في الثامنة عشر من عمرها، لكنها أكثر من أدركت حقيقة أحداث هذه المرحلة وتصدت لمتطلباتها ولا داعي عن ذلك أكثر، لقد فهمت أفريم المرحلة.

 

بورفاي وقايا وأمثالهم السفلة لا زالوا يريدون الصعود على أكتافنا، يريدون الاستمرار باستغلال جهودنا، فذاك الرجل قايا عندما كان هنا كنا نحن من نلبي طلباته ونقدم له كل الإمكانات، حتى هناك أيضاً عاش متطفلاً على أكتافنا وبات الآن ومنذ 13 سنة يفعل ذلك، هؤلاء لا يفعلون شيئاً وبالرغم من ذلك يتهجمون علي، حيث يستغلون جهودنا وبهذا يعودون لتركيا ويستمرون في هجماتهم لي.

 

في مرافعتي للمحكمة هناك تجديد من الناحية الأبستمولوجية حيث أضفت تحليلاً للديالكتيك، فماركس تناول المسألة الطبقية من منظوره الشخصي وفق ظروفه الخاصة، ولهذا ظهر ديالكتيك فظّ وقاسٍ، وطرحه لمسألة التضاد والنفي، فمناقشة مسألة التضاد والنفي أمر مهم، إلا أنَّ منظور ماركس لها غير سليم، فمن وجهة نظرنا أنّه في الطبيعة لا شيء يفنى تماماً، بل إن الرعاية المتبادلة تبقَ هي الأهم، فالهدم والتدمير ليس صحيحاً، كذلك فإن إفناء طرف للآخر غير صحيح، وكما تعرفون جيداً أنه لا فناء كامل لعنصر ما في الطبيعة ولا حقيقة مطلقة، فصراع الأطراف المتقابلة على أساس تناحري يسعى لإفناء طرف ما للطرف الآخر وهذا غير صحيح، رغم أن بعض الفلاسفة يجدون في هذا الصراع عاملاً تحررياً.

 

صحيح أن هذا النضال خلّاق وتحرري، إلا أنَّ القاعدة الأساسية في الطبيعة هي أنَّ 99% منها ينطبق عليها قانون الرعاية المتبادلة، أما الاشتباكات فلا تتجاوز 1% ومن هذا المنطلق لابدَّ من نقد ماركس، فكل شيء عنده إما أبيض أو أسود، لكن لننظر إلى الألوان في الطبيعة ولنأخذ اللون الأبيض والأسود مثلاً، فالأبيض ليس لوناً وكذلك الأسود، فكل منهم يثبت وجوده بردِّ الآخر، فيما عدا ذلك هناك العديد من الألوان، ومن هنا فإن الضدّ المطلق غير موجود، وهذا يصح أيضاً في السياسة والطبقية، فلا ضدّ مطلقة هناك أيضاً، لقد أفرزت مكاناً واسعاً لهذا الموضوع في مرافعتي، فهذا الأمر يدعو إلى ديكتاتورية البروليتاريا، بينما نحن ندافع عن الديمقراطية الحديثة، كما أنني تناولت الساحة الاقتصادية أيضاً في مرافعتي واستخدمت مصطلحات "برودول" إذ أن هذا الأخير أيضاً ينقد الرأسمالية، حيث يتناول مسألة الاحتكار، كما يمكن تطوير الساحة الاقتصادية بالنظر إلى بردويل وإغناءها".

 

مصطلح السوق الاجتماعي أخذته من برودول وطورته بنفسي وأغنيته، وهذا مصطلح يقف إلى جانب الكادحين وأصحاب الجهد ضد اقتصاد السوق الرأسمالي واستغلاله للبشر، فربما يكون البنك الدولي قد استخدمهم، لكن ما أعنيه لا علاقة له بكل ذلك، فالليبراليون الدخلاء يعطون هذه المصطلحات معانٍ أخرى وهذا زيفٌ ونفاق ليبرالي، فهو يستخدم هذا المصطلح كقناع، وبذلك فإن مصطلح السوق الاجتماعي الذي أقصده يمثل إحدى الجوانب الخاصة لمرافعتي.

 

السوق موجودة في الاشتراكية أيضاً ويجب أن توجد وكلٌّ يقوم بطرح أفضل منتوجاته في هذا السوق، لكن ميزة هذا السوق أنه لا يستهدف الربح، أي أنّه سوق لخدمة المجتمع أي تقديم القيم الثورية النوعية للمجتمع، بينما الرأسمالية تعني إنكار السوق، من هنا قمت بتعريف الرأسمالية من جديد، كما أشرت بشكل خاص إلى المؤسسة السياسية لإعادة بناءها من جديد، وهذه هي إحدى الخواص الأساسية التي تعرضت لها في مرافعتي، وحسبها فإن السياسة تحرر، فأنا أدافع عن أنّ السياسة تحرر، وهذه أهم جوانب وخصوصيات مرافعتي، وقد أخذت هذا عن حنا أرندت، لم أقرأ هذا الأخير كثيراً، لكنه يستخدم ذلك بشكل رائع، فيجب قراءته، فله جوانب خاصة، ومن هنا فإنّي أؤمن بالفعل أن السياسة تخلق التحرر.

 

ماركس يقول أن المعرفة – الطبقة تحرر، أما هيجل فيصر على أنّ العقل – الدولة هي التي تحرر، لكنني أقول أن السياسة تحرر.

 

أجل، فالسياسة هي تماماً مضادة للدولة، أي أن الدولة بالأساس هي إنكار لدولة، من هنا تغدو السياسة محررة، ويتبين خطأ ما ذهب إليه ماركس أنَّ الطبقة تحرر من التجارب الاشتراكية، أما هيجل فقد تحدث عن أن الدولة تحرر، لكن هتلر وفاشيته أكدوا أنها لا تحرر، بل على العكس تدمّر وتحرق إذ تغدو الدولة كل شيء والمواطن لا شيء، إنها نقطة هامة لابدَّ من تناولها، فالتحول إلى نقطة أمر خطير، لأن النقطة هي لا شيء، وبمقدار قوة الدولة يغدو المواطن لا شيء، وعلى العكس مهما صغرت الدولة ودورها يكبر حجم المواطن ودوره، إذاً الدولة في الأساس ضدَّ الحرية والتحرر، وكذلك ضدَّ السياسة، وفي الأنظمة الدولتية يتحول المواطن إلى نقطة، أي لا شيء،ومن هنا تنبع أهمية الدفاع عن ممارسة السياسة ضدَّ الدولة لدورها في عملية التحرر.

 

ممارسة السياسة هي الحرية، هذا هو المبدأ الذي يمثل أحد الجوانب الرئيسية في مرافعتي.

 

خلافاً لماركس وهيجل أعتبر أن إنشاء المجتمع يستند في أساسه إلى الحرية، ومنا هنا أعتبر أن السياسة تساوي الحرية وهو ما شرحته في مرافعتي التي لا أدري إن كنتم قد قرأتموها وأمعنتم النظر فيها، وحاولتم تطبيقها أم لا؟!

 

لينين طوَّر النظرية وتمكن بنفسه من تطبيقها عملياً عندما وجد الإمكانات اللازمة لذلك، لكن وضعي وموقفي مختلف هنا حيث لا أملك إمكانية تطبيق النظرية في الممارسة العملية هذا ناهيك عن أن أحداً منكم لا يفهمني.

 

كثيرون تحدثوا عن تراكم رأس المال لكن تراكم السلطة أنا من تحدث عنه أول مرة، فتراكم رأس المال يعتبر إحدى المصطلحات الهامة في مرافعتي، إلا أن تراكم السلطة لا يقلُّ أهمية عنه بشيء، فكلاهما مترابطان بقوة، فبقدر وجود التراكم الرأسمالي يظهر تراكم السلطة.

 

لقد تعرض كل من ماركس وبرودول لتراكم رأس المال، إلا أنهما لم يتعرضا للقفزة التالية ألا وهي تراكم السلطة، أي لم يتمكنوا من رؤية وتحليل الروابط الموجودة بين تراكم رأس المال وتراكم السلطات، فهتلر مثلاً يمثِّل قمة تراكم السلطات، وفي هذه الأوقات يظهر أحمدي نجاد وأمثاله كأمثلة أخرى، فلابدَّ من رؤية ذلك عند تحليلنا للواقع السياسي، وهذه أمور مرتبطة بالحداثة التي أريد التحدث عنها هي الأخرى ولو قليلاً.

 

نحن لدينا نظريتنا في الحداثة الديمقراطية وندافع عنها بمواجهة الحداثة الرأسمالية.

 

هذا الأمر مهم جدا للتصدي لتخريبات الرأسمالية وما تولدها من مشاكل للعمال والكادحين .

 

إننا نتبنى صيغة المجتمع البيئوي "الإيكولوجي" المنتج بمواجهة الحداثة الرأسمالية الصناعية وهو ما يمكن تسميته بالإيكولوجية أو البيئوية ,حيث ندافع فيها عن المجتمع الديمقراطي ,أو عن التحالف الوطني الديمقراطي ضد نظرية الدولة –الأمة أو أمة الدولة .

 

الأمم الصغيرة ستحمي نفسها ووجودها عبر وحدات صغيرة, يمكن أن نطلق عليها اصطلاحا "وحدات الأمة الديمقراطية ". لننظر إلى تركيا مثلا,إن كل مكون من المكونات سينضم لهذه الوحدات بلغتالمشتركة.يته, بشكل أشبه بحلقة مفتوحة النهايات ,يراد لها أن تتكامل بالارتباط مع الحلقات الأخرى المشابهة لتكتمل السلسلة ,أي لا بد من الإبقاء على الحلقة مفتوحة أولا وأن نمنعها من الانغلاق لتكون قادرة على الاستمرار مع الحلقات الأخرى ,وهكذا تتقاطع الحلقات وتستمر السلسلة التي تتبادل فيها التأثيرات بين الحلقات التي تمثل كل منها إحدى المكونات الأساسية فإحداها تمثل الترك , وأخرى تمثل الكرد ,وثالثة للعرب , وواحدة تمثل العجم وهكذا .....تتداخل الحلقات وتشكل بينها مساحات تقاطع مختلفة تمثل القيم والثقافات المشتركة .هذه هي " وحدات الأمة الديمقراطبكثرة,لتي يمكن لها أن تطرح وتبني إداراتها الذاتية.

ما قلته يجب أن يتكرر استخدامه بكثرة , وفي كل مجالات الحياة , وهي تمثل جوهر مرافعاتي الأخيرة التي سأقدمها للمحكمة.

 

على أرطغرل وجماعته أن يفهموا جيدا كيف وصلت الرأسالدور.لتركية إلى هذا المستوى من الاستغلال للكادحين وأصحاب الجهد ,وكيف استغلت الطبيعة بالشكل الذي حصل ويحصل حتى بدا كل شيء ينهار ويفنى , ولم يظهر حتى الآن أي موقف نضالي يتصدى لتلك القوى ,لا بل لم تظهر أيَّ قوة منظمة تسعى لذلك ؟

 

لابد من تطوير التحالف القائم ليتمكن من أداء هذا الدور .

 

انظروا بدقة وسترون جيدا إن سبعين سنة مرت ولا يزال اليسار مشتتا لم يجتمع شمله على أمر ,و بات حملا إضافيا على أكتافي ,أدعو كل اليساريين للاستفادة من مرافعاتي لأنهم بذلك سيتمكنون بالتأكيد من الحصول على أكثر من عشرين بالمائة من مجموع أصوات تركيا .إن كان فيهم من يريد التفكير بالسياسة وممارسة العمل السياسي عليه العمل منذ الآن وفق خطة مناسبة ليتمكن من تحقيق النجاح المطلوب.

 

أريد أن أتحدث عن ديرسم وبينغول , وهي ساحات هامة, إذ أنَّ تجاهلها وعدم الاهتمام بها وبأسباب ضائقتها الراهنة ,وعدم تحليلها بشكل سليم أمور تدعو للأسف .

 

هناك غلاديو يدير ديرسم ويوجهها ,وآخر مشابه يعشش في بينغول ,وكلاهما يداران من مركز واحد .

 

تعرفون قمر كنج وأمثاله الذين يتشدقون بقولهم " إننا علويون أتراك ولسنا أكراداً "هؤلاء هم عناصر الغلاديو, أولادهم يدرسون في أمريكا , وقمر كنج هذا هو من رجالات انقلاب 1980 وينال نصيبه من الأموال المخصصة للعمليات السرية القذرة , يرتكب كل الرذائل ولا يتعرض له أحد , لماذا ؟؟ لأنهم بذلك يتمكنون من الاحتفاظ بقسم هام من ديرسم مرتبطا بالغلاديو .

 

لا يختلف الأمر في بينغول حيث يكرر البعض أنهم " ليسوا أكراداً بل زازيون "وبذلك يطورون رجعية الزازا ,إذاً مصدر هذا التوجه في كلتا المحافظتين هو الغلاديو .والتحليل الدقيق للأمور يؤكد أن الوضع متشابه وأنه نتاج ممارسات الحرب الخاصة الهادفة لإنهاء الوجود الكردي,مما يستدعي التصدي لها بقوة .

 

كلتا الساحتين تتبعان لنفس الإدارة و نفس المركز وتداران بنفس الذهنية ونفس الغلاديو.

 

بقي هناك أن نشير إلى أنه دون تحليل صحيح ودقيق لهذه الأمور لا يمكن تحقيق التطور قيد أُنملة هناك .

 

نشرت مقالات لي في مجلة " ديب نوت " وبدأت الصحافة التركية تناقشها , ليصل الأمر بأحدهم أن يقول : " إنهم يريدون أن يخلقوا من آبو فيلسوفاً للحرية " لا حاجة لي لمثل هذه التحليلات .

 

مؤخرا نشر كتاب لمصطفى أرمغان بعنوان "الإتحاد والترقي بعيون كاظم قره بكر ", اجلبوه معكم في المرة القادمة , كذلك الكتب حول العلوية , والعلويين في عصر ياووز .

 

كما أن الجزء الثالث من كتاب ويللر شتاين قد صدر اجلبوه هو الآخر .

 

يقال أنه يجري إفراغ بعض مقرات العلويين ويتم نقلها لأماكن أخرى ,كذلك يظهر الإعلام احتمال قيام الدولة بحملة تمشيطية قوية ضد منظومة المجتمع الكردستاني KCK , وقد تبدأ حملات تمشيط عسكرية أيضاً.

 

مجلة " ديب نوت " تبدو لي ناجحة أتمنى لها الاستمرار .

 

أتمنى لكم النجاح ,تحياتي للجميع وأُسعدت أوقاتكم

 

- 27 تموز 2011 -