محمد شيخو هو ايضا من اعضاء وحدات الحماية لكن بفنه وغانية...
بقلم معجبي محمد شيخو
محمد شيخو أحد الفنانين الموهوبين الكرد ذو الاحساس الوطني. خدم الأغنية الكردية بكل تفان واخلاص، وله إسهامات واضحة في الأغنية القومية ستذكرها الأجيال الكردية طويلا. لقد ذاق هذا الفنان شظف العيش ومرارة الحياة، وكلها من أجل الارتقاء بالموسيقى والأغنية الكردية إلى مصاف الموسيقى العالمية، وظل على هذا النهج الذي سلكه حتى آخر أيام حياته.
ولد الفنان محمد شيخو عام (1948) في قرية( كرباوي) احدى قرى قامشلو . تنقل كثيرا بين مدن كردستان بسبب الأوضاع الاجتماعية والسياسية والاقتصادية السيئة التي عاشها الكرد. وفي عام 1968 ، وهو في العشرين من عمره، قصد (حسن توفو وخليل ايزيدي) ليتعلم العزف على آلة (الطنبور)، كانت أولى تجاربه الغنائية في الأعراس والمناسبات التي تقام في المدن الكردية، وبدأ بالأغاني الفلكلورية الكردية الرائعة. وفي عام 1970 عاد إلى قريته لكنه لم يمكث فيها كثيرا، حيث قصد بيروت لدراسة الموسيقى، واصبح عضوا في فرقة (سركوتن- serkewtin) للفلكلور الكردي إلى جانب سعيد يوسف و محمود عزيز شاكر ورمضان نجم اومري و المغنية بروين مع الفنانين اللبنانيين، وأحيا في بيروت حفلات عديدة بسينما (ريفولي وبيبلوس) وكانت اولى حفلاته بتاريخ 24/3/1971، وصادف أن حضر في إحدى حفلاته رئيس الوزراء اللبناني صائب سلام وأعجب كثيرا بصوته. كذلك طلبت الفنانة العربية سميرة توفيق منه العمل في فرقتها الفنية والفنان وديع الصافي؛ الذي أعجب بشيخو وفنه وأحبّه. ولقد عرف أيضاً عن شيخو إعجابه الكبير بالفنان المصري محمد عبدا لوهاب. لان محمد شيخو كان مدرسة موسيقية بحد ذاتها.
في عام1973 ترك لبنان وشد الرحال باتجاه كردستان العراق اثر ورود معلومات عن محاولات لاغتياله. وأستقر في مدينة كركوك ومن ثم في بغداد وعمل في إذاعة وقناة التلفزيون الكورد ي. وفي العراق تعرف على نخبة من الفنانين المشهورين أمثال محمد عارف الجزراوي، شمال صائب، تحسين طه، كلبهار، وبشار زاخولي، وسجل عدة أغاني لتلفزيون كركوك الكردية.
ثم هاجر في عام 1975 مع الألوف المهاجرين من أبناء شعبه إلى إيران، لكنه أصيب هناك باليأس والإحباط حيث ضايقته المراقبة من قبل عملاء مخابرات الشاه نتيجة مواقفه من القضية الكردية وتسجيله لعدد من الأغاني، هذا من جانب، ومن جانب أخر رأى أن أصدقاءه قد تشتتوا بين العودة إلى العراق والهجرة إلى الخارج.
تزوّج محمد شيخو من امراة كردية،وسمّيا ولدهما الأول (فلك) لكنه عاد مضطرّاً مع عائلته إلى روج افا عام (1981) واستقر تماما في مدينة قامشلو واستمر في مسيرته الفنية بغض النظر عن مساعدته للفنانين الكرد، استطاع تشكيل فرقة فنية للأطفال ليعلمهم الأناشيد الوطنية والأهازيج الفلكلور ية .
حقّاً كان شيخو بحدّ ذاته(مدرسة فنية)؛ فقد كان شخصية فنية متكاملة ومؤثرة بالطبع، فغالباّ ما كان هو ناظم وملحن أغانيه،كما أنه كان يتميّز باختياراته الموفّقة لكلمات أغنياته، وهي اختيارات دالّة على سموّ ذائقته الفنية، علماً أن الشاعر الغنائي يوسف البرازي طالما كان يرفده بأشعاره السلسة. لقد استلهم فناننا شيخو جل أغنياته من فولكلورنا الثري، في مسعاه الحثيث إلى إنقاذه من الضياع، والاختلاس المتواصلين، و إلى إحياء جوهره، بما يلائم روح العصر،مساهماً بشكل فعّال، في تجديد فن الغناء الكردي، بالانطلاق ممّا سائد وشائع في أرجاء: بوطان، ماردين وبهد ينان؛ وبرغم انه كان متواضعاً ويرى أن لم يبق أمامه ما يمكن يضيفه بعد فيض عطاء فناني الجزيرة: محمد عارف، رمضان، سيد أغا، الماس خان، ومريم خان؛ وجدناه قد أعطى وأضاف ما رفعه إلى مصاف أولئك الأفذاذ.
قد يؤاخذ الفنان شيخو على المباشرة والخطابية المهيمنتين على أكثر أغانيه؛ فينتقده البعض متناسياً أنه كان يخاطب بني جلدته، بسوادهم الأعظم من الأمّيين، وهنا تكمن بالذات أهمية فنه الجماهيري؛ إذ ساهمت أغانيه، في نشر وإشاعة الشعور الكردي ، والروح الوطنية، شأنها في ذلك شأن أشعار جكر خوين وقدري جان... خصوصاً وأن الأغنية لها قدرأكبر على النفاذ عبر الحدود المصطنعة،المجزّئة لأبناء أمّتنا الكردية، والذيوع شفاهيّاً بالمقارنة مع الأدب المدوّن، في مجتمع تسوده آفة الأمّية! وهنا تجدر الإشارة إلى ما يسرنا جميعاً هو صون تراث شيخو الفنان؛إذ قام بهاء شيخو و قادو شيرين بجمع أغانيه ونشرها. وهنا تجدر الإشارة إلى الفنان المغني وعازف الطنبور سعد فرسو مجايل الفنان الراحل، والذي كرّم بمناسبة الذكرى الرابعة عشرة لرحيل شيخو؛باعتباره صديقه ويستحضره بصوته وأدائه الفني. أمّا العبد الفقير كاتب هذه السطور وأمثاله من المعتزّين ( ببافي فلك) الفنان المناضل؛ طالما يستذكرون رجلاً مديد القامة، مرهف الحس، أبيّ النفس، مرفوع الهامة، وشامخ الروح، ألا وهو خالد الذكر(محمد شيخو).
في 9 آذار1989 رحل الفنان الكردي محمد شيخو اثر مرض مفاجئ وهو مازال في عنفوان شبابه وعطائه. لقد دفن في مقبرة الهلالية في قامشلو في وسط جماهيري حاشد وبمراسم مهيبة تليق بمكانته كفنان أعطى عمره من اجل الاغنية الكردية واحياء التراث الكردي وخدمة الشعب الكردي وهذا حسب وصيته أيضا - gava ez mirim gelî gundiya min ne veşêrin wekî hemiya ، وفحواها تقول: إذا مت أيها فلا تدفنوني كا لبيقة. فبرحيله بكى الآلاف من شعبه وبحضور المخلصين والمحبين لفنه.