النساء

أصل العائلة ومكانة المرأة فيها

إلى أيّ حدّ هناك حاجة أو ضرورة لوجود الرجل والانثى في الكون؟...

 أكاديمية المرأة الحرة

مؤسسة العائلة هي أكثر المؤسسات التي تحتاج إلى التحقيق والبحث فيها وحتى إعادة ترتيبها وتنظيمها من جديد إنّ «موضوع » المرأة والعائلة يشكل أحد أهم المواضيع التي يتمّ النقاش عليها في يومنا الحالي، فهو موضوع تمّ اللعب عليه والتحدّث به كثيراً، كما تمّ خطو بعض الخطوات الإيجابية في هذا المسار. أما في الواقع الكردي فإنه أحد المواضيع التي ارتكبت فيه أخطاء كبيرة وصلت لحدّ الجنايات. وفي حقيقتنا الوطنية فهو موضوع مميت ومؤثر أكثر من العدو ذاته، وقد تحدثنا سابقاً حول موضوع المرأة والعائلة، إلا أننا نريد توضيحه أكثر. ثنائية جدلية مولدة للتطور الذكورة والأنثوية، هي إحدى حقائق الطبيعة، كما الضوء والظلام، الحرّ والبرد، الالكترون والبروتون، الإيجابي والسلبي، المرأة والرجل، حيث يشكل كلّ منهما ثنائية تخلق معها مسببات التطور والوجود، إلا أنّ المشكلة لا تكمن في ذكر هذه الأمور بقدر بحثنا المتواصل لمعرفة وضع الطبيعة التي آلت إليه نتيجة تصرفاتنا وتعاملنا الفظ معها. فالعنف والشدة تخرجان كلّ كائن ومفهوم من كينونته، فإذا تلقت إحدى النباتات ضربة قاسية بالحجارة فإن هذه النبتة تخرج من كونها نبتة وتتحوّل إلى شيء آخر، فالنبتة جميلة، إلا أنّ كون الحجر قاسِ جداً فإنه يسحق النبتة ويتجاوزها، ويمكن رؤية مثل هذه الحقائق بكثرة في الطبيعة، كما توجد نماذج من هذا العنف والشدة في المجتمع أيضاً، حيث يمكن القضاء على ما يجب معايشته في الحياة من خلال ضربة قاسية، وحقيقة شعبنا تشبه إلى حد ما هذه الحقيقة. مهما كانت الأسباب التي أوصلت بشعبِ إلى هذا الوضع الضعيف، يمكن معه تصفية هذا الشعب والقضاء عليه، فالسمكة الكبيرة يمكنها أن تأكل السمكة الصغيرة، والثعبان يبتلع العديد من الفراخ الجميلة للطيور في معدته، والتماسيح تستطيع ابتلاع كائن حي بين فكيه العجيبتين، ويمكنها ذرف الدموع عليه فيما بعد، وهذه هي حقائق معاشة أيضاً في مجتمعاتنا. استغلال العائلة كمؤسسة في الحقيقة إلى الآن لم تتمّ الإجابة على السؤال التالي تماماً وبشكل شافٍ، إلى أيّ حدّ هناك حاجة أو ضرورة لوجود الرجل في الكون؟ وبنفس المستوى ما هي ضرورة وجود الأنثى فيه؟ بقناعتنا هذه المسألة غير متناقضة بقدر خصوصية الرجال. وخاصة أنها لا تعطي نتيجة ملموسة لا لصالحه ولا ضده. ففي المجتمع ما تمّ تطويره لصالح المرأة بدأ مع التحوّل الاجتماعي أكثر مما تمّ تطويره كخصوصية أنثوية طبيعية، الضغط والعنف واللاعدالة، وحتى الاستثمار والاستعمار استخدم الخاصية الأنثوية كحالة سلبية، واستثمرها بشكل لا أخلاقي، ونعتقد أن هذه هي إحدى الحقائق العلمية، وإلا فإن الخاصية الأنثوية وحدها لا تمثل لا المستَثمِر ولا المسُتثمَر، ولا تمثل أحد أساليب ممارسة الضغط لتحقيق غرض ما. لذا فإن الضغط والعنف الممارس على الجنس مرتبط مع تطور النظم وتحوّلها واتجاهاتها، فالعائلة، الكومين والقبيلة كأحد نماذج المجتمعية، فالعائلة هي أولى نماذج المجتمعية التي حافظت على كيانها حتى يومنا الحالي، وتجمع الانسان في هيئة سميت بالعائلة وحافظت على نفسها كمؤسسة اجتماعية منظمة. ففي المجتمعات البدائية لم تكن في حينها فروقات مميزة بين كل من العائلة والكومين والقبيلة، وهذه المؤسسات كانت تشبه بعضها البعض بشكل كبير، فكل مجتمع حافظ واكتسب بعض الخصوصيات الخاصة به وطوّرها، وتجلت هذه الخاصية أكثر فأكثر مع ظهور المجتمع الطبقي وتطوره، والعائلة بوضعها الحالي هي مؤسّسة تتجه نحو الخصوصية مميزة ومنفردة بكل واحدة منها. العبيد لا يملكون حق تشكيل عوائل مع تطور النظام العبودي تمّ تنظيم وإقامة عائلات كبيرة وعظيمة من قبِل مالكي العبيد، وتركت وراءها آثاراً كبيرة اتسمت بها المرحلة العبودية وحدها، وما تلك القبور العظيمة العائدة لبعض العائلات المعروفة، إلا نتاج النظام العبودي والمؤسسات المنبثقة عنه، مقبرة إحدى هذه العائلات العائدة لتلك المرحلة أكثر قيمة وفخامة من المعابد الحالية، أو أكثر هيبة من الصالات التي نصادفها الآن. ويمكننا استخلاص النتيجة التالية: العائلة هي مؤسسة عظيمة في نظر مالكي العبيد. لماذا هي بهذا الشكل؟ فالعنف والشدة أحد أطرافها العائلة ولا نبالغ في الموضوع إن قلنا إنها أحد منابعها الأساسية. حتى أضفت الطبقات العليا والحاكمة على نفسها صفة القدسية إلى أن وصلت إلى درجة التأليه، وهو بحدّ ذاته مثال صارخ على تغلغل فلسفة العائلة في أعماق مجتمعاتنا ومنذ القدم. وكإحدى وسائل البحث عن الأبدية والخلود لتلك الفئات والعوائل التي أمسكت بزمام الإنتاج وفرضت سيطرتها المطلقة على المجتمع باسم العائلة بعدما لقحتها بالفكر الديني، بدأ رحلته بالبحث عن الخلود وقتل الموت. ومومياءات فراعنة مصريين مثال قوي على ما ذهبنا إليه ، فهم مميزون حتى في موتهم، حيث تمّ دفنهم مع عوائلهم في مدافن خاصة بالعائلة والسلالة مع جميع خدمه وكل النساء في قصورهم ومعابدهم، وهي مازالت موجودة كالحجارة المجمدة تحت التراب. فمع البحث عن الخلود هناك تأليه للذات وسمو إلى ما فوق الطبيعة والمجتمع، وبهذا الشكل فإن هذه الأشياء تلقى صداها حتى يومنا هذا. بالمقابل كان العبيد لا يملكون حق تكوين عائلة خاصة بهم، وهذه أيضاً إحدى حقائق هذا المجتمع أو النظام العبودي. ومن المعروف أنه تمّ توسيع وتطوير الخدم في المرحلة الإقطاعية بشكل أكثر، حتى أن ظاهرة الخدم طبعت المرحلة بطابعها، ففي الإسلام وخاصة في المرحلتين الأموية والعباسية والسلاجقة والعثمانيين فإنّ خدمهم خدموا العائلات الحاكمة. ولكنهم في هذه المرحلة بدؤوا يحصلون على حقهم في تشكيل عائلاتهم الخاصة بهم، وتحقق هذا مع تجاوز العبودية وتطور النظام الإقطاعي الذي ولدّ في أحشائه العائلة البرجوازية والأرستقراطية، ومازال تأثيرها في أوروبا كبيرجدا .