الشهيد اسماعيل ديريك

الشهيد البطل الذي تجمع فيه جميع الخصال الثورية...

رفاق الدرب

تعرفتُ على الرفيق إسماعيل في أواخر 1989 بعد قدومه إلى منطقة جقورجا التابعة للمنطقة الأولى. وأثناء تواجدنا في تلك المنطقة انحصرت حياتنا الأنصارية ضمن معسكرات التدريب الشتوية حتى بداية الربيع. وأهم ما تميز به الرفيق إسماعيل خلال هذه الفترة هو نضاله الدؤوب ضد مفاهيم التآمر- الإقطاعي التي كانت تحاول فرض نفسها على خط الحزب في تلك المرحلة. وكانت تسعى بكل جهودها خلق الأرضية الملائمة لمثل هذا الميل والانحراف ولكن الرفيق إسماعيل لم يأبه لمثل تلك الممارسات ووقف على الدوام في مواجهتها. اتخذت مواجهة هذه الجوانب عديدة، حيث هب من ناحية يكشف تلك الممارسات والإضرار التي تلحقها بالحزب، ومن ناحية أخرى سعى دوما في سبيل

تطبيق نهج الحزب كرادع وتصدى لتلك الأفكار الخاطئة ويمكننا القول، أنه ظهر شجاعة عظيمة في تلك المواجهة قلما يوجد لها مثيل، وأثبت من خلال ذلك ارتباطه العميق بالحزب على الرغم من صعوبة الظروف التي كانت تحيط به، حيث كان يقول دوماً ربما تكون قوتهم أكثر في الوقت الراهن ولكننا لن نتردد في مجابهتهم من اجل حماية خط الحزب وبينما كان الشتاء يمضي بقساوته وشدته ليحل الربيع محله وننتظر بشوق وحرارة قدوم الربيع الذي يعبر بكل معانيه عن الحياة في كردستان، الفصل المفعم بالحركة والحيوية والنشاط، والأمر هكذا أيضا بالنسبة للأنصار، ولأجل عرقلة ذلك، قام العدو بشن هجمة غارة على معسكرنا التدريبي مستخدما كافة الأسلحة وبقوة كبيرة في تعدادها، ولكن رد على أعقابه خائبا دون أن يصل إلى مبتغاه تاركا وراءه خسائر كبيرة.

وإثناء الهجوم المعاكس من قبل رفاقنا احتل الرفيق إسماعيل الصفوف الأمامية واستطاع مع مجموعة من الرفاق صد الهجوم العدو المباغت، وضرب ذلك مثلا يتحذى به في الجسارة والتضحية رغم الموقف الخطير الذي اتسم به الوضع. وقد مهد هذا العمل الذي قام به الرفيق إسماعيل مع مجموعة الرفاق الآخرين الطريق أمام جميع رفاق المعسكر لاتخاذ مواقعهم القتالية والاستعداد للمواجهة الحاسمة وهكذا فشكل هجوم العدو ولم يحقق النتائج الموجودة وتابعنا بعدها حياتنا بهدوء وبعد تغيير المعسكر والمواقع التي كنا نتمركز فيها قبل بداية الهجوم، وقد ركزنا كل جهودنا خلال هذه الفترة على إجراء الاستعدادات الكافية من أجل القيام بحملة الربيع. وهكذا أجريت الاستعدادات على قدم وساق حتى قدوم الانطلاقة والتوجه نحو الساحة العملية.

والجدير بالذكر انه جاءت خلال هذه الفترة مجموعة من الرفاق من كردستان الجنوبية ( الجزء الكبير) بغية الانضمام إلى صفوف الحزب والمشاركة في الحرب الأنصارية المتصاعد في كردستان الشمالية كمخرج وحيد من الأزمة السياسية- العسكرية التي يعيشها الجزء الكبير من كردستان الجنوبية بقيادة الحركات الكلاسيكية التي سدت المنافذ أمام نفسها ملحقة بذلك أضرارا جسيمة بحركة الجماهير الوطنية. وفعلا كانت تلك خطوة جريئة من اجل الخروج من المأزق المذكور، لقد أدرك المتآمرون حجم وأبعاد هذه الخطوة وأهميتها المتزايدة، فقاموا بتوجيه اتهامات باطلة إلى هؤلاء الرفاق كتمهيد من اجل إفراغ هذه الخطوة الجريئة من محتواها ومعانيها لأنهم لم يجرؤوا على القيام بأعمالهم الشنيعة خوفا من الحزب ومن العواقب الوطنية التي ستتمخض عن تلك الممارسات فواجهوا التهم كستار وقناع لما يريدون القيام بها. وقد اعترض الرفيق إسماعيل على ذلك واستنكر بشدة قائلا:" أم مثل هذا العمل ليس له أية علاقة بالحزب لا من قريب ولا من بعيد، وحاول بجهوده وإمكانياته الدفاع عنهم وإخراجهم من هذا الوضع وكان يحاول دوما خلال فترة توقيفهم الاقتراب منهم من اجل تخفيف هذه الأزمة التي آلمت بهم وسد الطريق أمام تعميق هذه الأزمة وفعلا كان وجوده بمثابة مصدر راحة لهؤلاء الرفاق. فخلال الاشتباك الذي حصل أثناء الهجوم المباغت الذي قام به العدو على المعسكر اقترب منهم وابعد الحرس عنهم وتحدث معهم حول مشكلتهم. وخلقت معاملة الرفيق إسماعيل هذه الشعور بالأمان وأزالت الرهبة من نفوسهم وشدتهم إلى الحزب أكثر وأكد لهم إن الحزب سيتدخل عاجلا أم آجلا ويحاسب هؤلاء على فعلتهم هذه، ان دل هذا على شيء إنما يدل على ارتباط الرفيق إسماعيل العميق بالحزب وحرصه على سمعته.

ومع حملة الربيع غادرنا معسكرنا وتوجهنا إلى منطقة" شمندلي" المثلث الحدودي، إحدى المناطق الإستراتيجية في نضالنا المسلح. وكانت قواتنا تتجاوز السرية في تعدادها وكلف الرفيق إسماعيل بإدارة السرية كموجه السياسي لها بعد مداخلة القائد في الشتاء من اجل تصحيح الأوضاع والتحرك وفق ما يمليه خط الحزب حسب المرحلة الجديدة من النضال. هنا يمكننا أن نشيد إلى أن تدريب معظم الكوادر والمقاتلين كان يقع على عاتقه نظرا لإلمامه الواسع واستيعابه الجيد لخط الحزب واغلب الرفاق كان يريد ذلك، كان حميما في علاقاته مع الرفاق ويقدر هذه العلاقة خير تقدير. فيقترب من الرفاق ويتعرف من خلال اقترابه هذا على مشاكلهم ويحاول حلها ومساعدتهم بكافة إمكانياته المتوفرة.

وبعد مداخلة القائد مباشرة وحسب تعليمات الجديدة والتشهير بأصحاب نهج المتآمر الإقطاعي وتنحيتهم عن مهامهم ووظائفهم، توجهنا مباشرة إلى منطقة شمندلي حيث كان الرفيق إسماعيل في غاية الفرح والبهجة وكأنه بعث من جديد، بهذه الروح المفعمة بالأمل والاندفاع انطلق نحو العمل والنضال.

فدخلنا منطقة شمندلي في بداية آذار 1990 حيث كان الثلوج ما تزال متراكمة حينها وتعرقل السير والحركة بشكل لا يتصوره العقل، هذه الثلوج كانت تذوب مع اعتدال الطقس رويدا رويدا، تتسبب في حدوث فيضانات في الوديان وارتفاع مستوى الأنهار مما يخلق مشكلة أخرى أمام الحركة والتقدم. ولكن رغم كل هذه المصاعب استمرت مسيرتنا في يومها الحادي عشر رغم الأحمال الثقيلة التي كانت موجودة على أكتافنا، والمواد التموينية التي كان بحوزتنا أشرفت على الانتهاء قبل أن نصل إلى نقطة الهدف الأساسية وبينما كنا نواصل تقدمنا عبر الجبال الوعرة وطبيعتها القاسية والتي تزيد الثلوج المتراكمة من وعورتها عثرنا على احد المستودعات المليئة بالذخيرة الحية أصر الرفيق إسماعيل رغم نفاذ المواد التموينية على تغيير مكانها ونقل الذخيرة إلى مكان جديد وقد أدى ذلك إلى تأخرنا يوما. وقمنا بناء على أوامر بثقل الذخيرة الموجودة إلى مكان آخر آمن وبعدها تابعنا مسيرتنا باتجاه معسكر خاكوركي الموجودة تماما في المثلث الحدودي الذي يعتبر صلة الوصل بين أجزاء كردستان الثلاثة. وبعد وصولنا إلى منطقة خاكوركي خيمنا في احد الاماكن المناسبة واستلم الرفيق إسماعيل مسؤولية المعسكر بشكل مباشر، وعلى الرغم من سوء الوضع من ناحية المواد التموينية فقد كنا ندبر أمرنا بالاعتماد على المواد التي خزنت منذ عام 1986 وكان يقول دوما:" علينا التحلي بالصبر وان نزيد من عزيمتنا وإرادتنا وعلينا أن لا نشعر بالضيق لأن أهدافنا أكبر من الأوضاع الحرجة."

وخلال فترة تواجدنا في منطقة خاكوركي حصل اشتباك عنيف بيننا وبين القوات المعادية المدعمة بمرتزقة عشيرة- كردية، ونحن نقوم بمهمة استطلاعية في المنطقة. وقد بلغ الاشتباك ذروة عنفوانه وشدته حيث استشهد رفيقان أثناءه وجرح رفيق آخر، وتكبد العدو خسائر جسيمة أثناء ذلك الاشتباك. كما سبق وذكرنا انه رغم شدة الاشتباك وعنفوان القتال والصف لا مدفعي المكثف على مواقعنا انطلق الرفيق إسماعيل نحو موقع أحد الرفاق الذين استشهدوا في المعركة من أجل إخلائه وإنقاذه حتى لا يقع في يد العدو، فحمل الرفيق إسماعيل ذلك الرفيق ولمدة تتجاوز ساعة على ظهره رغم خطورة الوضع حتى لحظة تجمعنا في إحدى النقاط والخروج من الاشتباك ومغادرة المكان. وفور انتهاء الاشتباك تابعنا مسيرتنا من اجل فك الحصار المفروض من قبل العدو بينما كنا نتابع مسيرتنا اعترضنا أحد الوديان العميقة والشديدة الانحدار، وبعد ساعات من النزول توقفنا على حافة النهر الذي كان يتوسط الوادي، ونظرا لجريان المياه الشديدة لم يكن بمقدورنا اجتياز النهر، وبعد محاولات متكررة وفاشلة أدركنا بأننا لن نستطيع عبور النهر. وجدير بالذكر ان احد رفاقنا حاول وبشتى الوسائل عبور النهر إلى الطرف الأخر، وحينما استهل عملية العبور ولكن الحظ خالفه ولم يستطيع الصمود أمام تيار الماء القوي فسقط في الماء واستشهد على أثرها. لقد أثرت هذه الواقعة بعمق على الرفيق إسماعيل الذي أظهر استياءه العميق لهذه الحادثة.

لقد نفذت المواد التموينية التي كانت بحوزتنا تماما بعد مكوثنا فترة في المعسكر، ولم يبق أمامنا خيار سوى التحرك والتوجه إلى المناطق المجاورة من اجل تأمين الاحتياجات الضرورية وجدير بالذكر، إن الوضع في المنطقة المذكورة كان متسما بالخطورة الشديدة، فمناطق كردستان الجنوبية خاليا تماما من السكان، لقد غادروا قراهم بعد النكسة الأخيرة، وجبال زاغروس تقف في وجهنا كسد لا يمكن عبوره في مثل هذا الوقت من السنة إلى كردستان الشرقية بسبب تراكم الثلوج ووعورة الأراضي، فلم يبقى أمامنا سوى التوجه نحو قرى كردستان الشمالية في سفوح جبال زاغروس، لان الاتجاه الوحيد الذي ظل مفتوحا أمامنا كان هذا الاتجاه كما كان العدو في حالة إنذار واستنفار قصوى في هذه المنطقة وحملات التمشيط المكثفة جارية دون التوقف. ولهذا فان التوجه إلى هذه المنطقة لم يكن سهلا، ولكن ليس هناك مجال سوى الذهاب غير آبهين بما قد يحدث بعد أخذ التدابير الممكنة والعوامل الاحتياطية الأخرى تأهبنا لمسيرة تستغرق يومين ذهابا وإيابا، وهكذا تابعنا مسيرتنا نحو إحدى القرى النائية" كلي شيم" التي تؤيد نضالنا ومعظم القرويين متحالفون معنا. استغرب القرويون لدى مشاهدتهم لنا ونحن ندخل القرية لأنه يستحيل التحرك في هذه المنطقة مهما كان الدافع بسبب تراكم الثلوج ووعورة الأراضي، وبعد دخولنا إلى القرية قمنا بعقد اجتماع مع القرويين اشرنا خلاله إلى آخر التطورات السياسية في الساحة والوظائف الملحة.

وفور انتهاء الاجتماع قام القرويون بتدبير ما نحتاجه من مواد تموينية وعدنا أدراجنا إلى المعسكر ومع دخولنا المعسكر كان الرفيق إسماعيل ينتظر قدومنا على أحر من الجمر بسبب خطورة الوضع، مما زاد الفرح لديه والبهجة بدأت ترتسم على ملامحه، وبعد هذه الحادثة قام الرفيق إسماعيل بإلقاء محاضرة على الرفاق مشيرا فيها إلى الظروف القائمة وضرورة التحلي بالصبر وتقوية العزيمة من اجل تجاوز هذه الظروف وخلق المناخ الملائم.

الرفيق إسماعيل واحد من الرفاق الذين يقدرون العلاقات الرفاقية حق قدرها، حتى إنه خلال أقسى الظروف وأشدها يظهر ارتباطه العميق برفاقه، وجدير بالذكر ان أغلب الرفاق المتواجدين في صفوف الوحدة كانوا من الرفاق الجدد الذين التحقوا بصفوف الجيش الشعبي لتحرير كردستان عن طريق قانون التجنيد الإجباري، حيث صرف الرفيق إسماعيل جهودا عظيمة في سبيل تطوير هؤلاء الرفاق وتأهيلهم وتعميق ارتباطهم بالحزب. يستغل كل مناسبة في سبيل توعية رفاقه، يستمع إليهم طويلا، يتعرف من خلال أحاديثهم على شخصيتهم ثم يبدأ بمعالجة مشاكلهم جذريا، وإحدى ميزاته الأخرى كان إداريا لامعا وقد أثبت ذلك خلال فترة تواجده في إدارة السرية حيث كان يحاول دوما رص صفوف الرفاق ضمن الوحدة. ولم يكن يسمح بمواقف القوية لظهور المشاكل الثانوية التي تولدها الصعوبات الموضوعية المفروضة. وقد أصبح قوة مادية ومعنوية كبيرة ضمن صفوف الوحدة، ونظرا لرؤيته الصائبة ومواقفه المبدئية، فقد أصبح مثالا يحتذى به في حل المشاكل والمسائل، ولم ينجر ابدا وراء المواقف الاستفزازية أثناء عمله.

باختصار يمكننا القول: إنه كان شخصية  نضالية صلقت بالممارسات العملية خلال سنوات نضاله ضمن صفوف الحزب.

وكان وضع شمدنلي في غاية الصعوبة بسبب الاجواء السائدة وكثرة حشودات العدو التي تكاد تناهز عدد سكان المنطقة باسرها بالاضافة إلى انتشار المرتزقة كثرة المسلحين تحت اسم " حماة القرى" الذي يزيد الوضع سوءا. زد على ذلك حالة اليأس والتشائم التي تولدت نتيجة كثرة عدد الرفاق الذين استشهدوا هناك. إلا أن الرفيق إسماعيل كان يقول دما:" مطلبي الوحيد من الحزب هو أن أتوجه إلى منطقة شمدنلي وأناضل فيها، وثقتي كاملة أنني قادر على فتح هذه المنطقة ووضعها تماما في خدمة الثورة...".

وتجدر الاشارة ايضا إلى طوق الحصار الذي فرضه العدو على هذه المنطقة، ونظرا لصعوبة كسر هذا الطوق، فقد تولدت رهبة كبيرة في نفوس الكثير من الرفاق دفعتهم إلى الخوف من تحمل المسؤولية هناك وبعد دخولنا إلى هذه المنطقة قام الرفيق إسماعيل بتحليل وضع المنطقة ووضع العدو وتكتيكاته، وكان تحليلاته للوضع صائبة وصحيحة تماما. تكتيكات الدولة على الصعيد العسكري تمثلت في سحب قواتها من بعض المناطق وتمركزها في مناطق اخرى وجرنا اليها بالتالي محاصرتنا وتوجيه الضربة القاضية... لهذا كان علينا فرز قواتنا إلى مجموعات وفصائل ومن ثم التوجه.. إن كل رغبات الرفيق إسماعيل وآماله تركزت على البقاء في منطقة شمدنلي والنهوض بمهامه فيها. ولكن بعد حصول الفرز الجديد كلف بالعمل في منطقة وان- وعلى أثرها توجه مباشرة مع مفرزة انصارية إلى انب الرفيق أمين إلى منطقة وان باشقلة وممارسة الضال في تلك المنطقة، وإن الطريق الذي سلكته الوحدة كان محاذيا لكردستان الشرقية، واثناء مرورهم بهذا الطريق انعطفوا على العديد من القرى وعقدوا الاجتماعات مع سكانها. وبعد عدة أيام من مغادرتهم المعسكر اتبعنا أيضا نفس الطريق وأثناء مرورنا بتلك القرى كان معظم القرويين يتحدثون ويشيرون إلى الرفيق إسماعيل ومدى تعلقهم الشديد بهذا الرفيق، وكانوا يقولون صراحة ان موقف هذا الرفيق لم يكن يشبه بعض الرفاق الاخرين الذين عملوا في هذه المنطقة خلال الفترة السابقة ثم تابعنا طريقنا من اجل الالتقاء مع وحدة الرفيق إسماعيل حسب موعد مسبق تقرر بيننا أثناء مغادرة وحدته للمعسكر. ونقطة الالتقاء كانت وادي " دريا كفري" المجاور لحدود كردستان الشرقية.

وبعد شهور من افتراقنا ارسل رسالة مقتضبة توجز الفعاليات التي قاموا بها هناك وقد أشار في رسالته إلى الوضع القائم في المنطقة من ناحية الجماهير التي تؤيد بأغلبيتها نضالنا وتبذل أقصى جهودها في مساعدة الحزب والكفاح المسلح. كما أكد أن العديد من الشباب جاهزون لالتحاق لصفوف الثورة. كما نفذوا خلال تلك الفترة عملية بطولية ضد أحد أكبر أوكار الخيانة في منطقة كفري" يوكسك أووا" والعملية كانت موجهة ضد رئيس قبيلة بنيانش المعروف ب مصطفى زيدان في مركز المدينة، حيث دخلت المجموعة في وضع النهار مستطلعة الموقع وبعدها وجهوا الضربة وابتعدوا عن المنطقة بواسطة الاحصنة لان المنطقة سهلية ويصعب البقاء فيها.

وبعد فترة من الزمن دخلت المفرزة منطقة باشقلة وكانت أولى أهدافها توجيه الضرية إلى الثكنة الحكومية الموجودة في مركز المدينة، وفعلا كانت المفرزة بتوجيه ضربة قوية إليها، حيث صادفت العملية أواخر الليل، ولهذا لم تحصل الوحدة فرصة الابتعاد من المحيط قدرا، كافيا فتعقبها العدو الذي نصب الكمائن في كافة الطرقات الموجودة في المنطقة إلى جانب حملات التمشيط الواسعة. وبينما في إحدى الكمائن المعادية قبل أن يسدل الظلام أستاره في منطقة سهلية غير مناسبة لخوض حرب الأنصار معا زاد الأمر تعقيدا وسوءا. وفي بداية الالتحام استشهد الرفيقان ( أمين ورستم) في اللحظة الأولى. ولكن الرفاق الآخرين تابعوا دفاعهم المستميت واستشهد على اثر ذلك الرفيقان ( إسماعيل ورو جهات) إلى جانب الرفيقين الآخرين ودامت المعركة رغم التفاوت الصارخ في ميزان القوى، ولكن رغم ذلك أبدى الرفاق مقاومة عنيفة دون ان يتركوا رفاقهم المستشهدين في ارض المعركة. وبعدها غادر الرفاق الموقع. بذلك يكون الرفيق إسماعيل مع بقية الرفاق قد التحقوا قافلة شهداء الاستقلال والحرية في شهر حزيران 1990وهكذا لمسنا في مسيرة الرفيق الشهيد إسماعيل الوعي والتضحية ونكران الذات والشجاعة والالتزام العميق بقيم الحزب والدفاع عنها حتى في أقسى الظروف لذلك اعتبره القائد بطلا لشهداء الجنوب لما جسده هذا الرفيق من مزايا وخصال ثورية حقة تشكل إرثا غنيا للأجيال اللاحقة.فعهدا للرفيق أن نواصل المسيرة حتى النصر.