يحرر الأوطان بالكدح وعرق الجبين...

الأسم الحقيقي: خالد سليمان

الأسم الحركي: عاكف خبات

اسم الأم: فرحة

اسم الأب: سليمان

محل وتاريخ الولادة: تربة سبية قرية كرداهول 1968

مكان وتاريخ الانضمام للحزب: تربة سبية 1989

مكان وتاريخ الإستشهاد: بزالة 13/ 9/ 1992

الشهيد عاكف

دلجين رستم

ولد رفيق عاكف في عام 1968 في قرية كرداهول التابعة لمدينة تربة سبية وترعرع في كنف عائلة متدينة، وخاصةً والده الذي كان من متدينين الأوفياء بالديانة الإسلامية، بينما والدته التي كانت من جذور ارمنية الذين تعانقوا الديانة الإسلامية فيما بعد، كانت لهذا النموذج الديني تأثيرا كبيرا على تكوين شخصية الرفيق عاكف من الناحية الاجتماعية من حيث خلق لديه شخصية مرنة  يتطلع إلى المستقبل بالرؤية العلمية البعيدة عن القوالب الدينية الدوغمائية الذي ينحصر في نطاق وآفاق ضيقة الذي لا يعترف بحرية فكر  المجتمع، بل كان لعائلته علاقات اجتماعية واسعة مع المحيط الذي يعيشون فيه بسبب غناهم من الناحية المادية من جهة،ومن الجهة الأخرى بسبب تعامل جميع أفراد العائلة بالتجارة. مما خلق لدى هذه العائلة الجو المشحون  بالكدح والعمل، فقد كان جميع الأبناء بعد  الدراسة يساعدون والدهم في محلهم التجاري.  بينما الرفيق خالد" عاكف خبات" كان بعكس أخواته لم يطع لأوامر عائلته في هذه النقطة بالذات ولم يقترب مثل باقية أخواته. وبسبب تصرفه هذا كان يخلق خلافات بينه وبين عائلته لأنه كان يوجد لديه ميول أخر أهم من عمل التجارة وكان لديه فكرة أن نعطي قليل من اهتمامنا إلى العمل الوطني وما يقع علينا من واجبات.

أما من الناحية الأخرى كانت لعائلته جذور وطنية  قوية اتجاه القضية الكردية، ومع ذلك وبالرغم من ترعرع العديد من الأحزاب الكردية في روج آفا وخاصةً ضمن منطقة الجزيرة، لم يتعاطف عائلته مع أي حزب من هذه الأحزاب، لأنهم لم يرو بصيص الأمل الذي ينير طريق الشعب الكردي  نحو المستقبل الحر، تستمر وضع عائلته على هذه المنوال حتى تعرفهم على حركة التحرر الشعب الكردي pkk  ويصبح جميع أفراد العائلة كتلة مؤيدة وفعالة في تأدية واجبهم الوطني على أكمل وجه، وفتحو بابهم وقلوبهم على مصراعيه للحركة.

درس الرفيق عاكف المراحل الابتدائية، والإعدادية، والثانوية في مدينته تربة سبية، كان يعرف الرفيق عاكف في هذه الفترة الزمنية وقبل تعرفه على حركة التحرر الشعب الكردي بعشقه الكبير لكرة القدم، وهذا العشق الذي كان يحتل المساحة الشاسعة والكبيرة من الحركة والهيجان في حياته، كما يحدث لدى العديد من الشباب الكرد، كان  مجموعات من عشاق الرياضة  الذين كانوا يجتمعون كل يوم بعد انتهائهم من الدوام الدراسي  في ساحة القرية ويبدؤون اللعب بكرة القدم.

تظهر النقاط والأشياء الهامة في حياة الإنسان والتي يختم المراحل الحياتية الهامة بطابعهم المصيرية والمستقبلية مع الوقت، ولهذا يعتبر الحزب العمال الكردستاني الذي بدأ نجمته الساطعة في سماء روج آفا من إحدى هذه النقاط والأشياء الهامة، التي قامت بتغير مصار الألاف من الشباب الكرد اليافعين وتدقفهم كأمواج البحار المتلاطمة بانضمامهم إلى صفوف الحزب العمال الكردستاني، ورفيق خالد سليمان الذي يعرف بعاكف خبات، من إحد هؤلاء الشباب، يتعرف رفيق عاكف على حركة التحرر الشعب الكردستاني في مرحلة الدراسة  الثانوية، وبهذا يدخل في حياته تغيرات جديدة ، قام رفيق عاكف بتحويل الفراغ الكبير الذي كان موجوداً في حياته، وحتى قام بتحويل موهبته وعشقه لكرة القدم قبل تعرفه على الحزب إلى المطالعة وقراءة الكتب، ومنشورات الحزب مثل (المقاومة الحياة، والمسألة الشخصية وطريق الحل) وأعطى الأولوية للدراسة، وقد أثرت هذه الكتب على مستواه الدراسي وحياتي كما ساعد على تعرفه والتعمق في نهج وفكر الحزب  في أقصر وقت، كان له طموح وإرادة للقيام بواجباته الوطنية التي يخدم وطنه،  كانت له علاقة قوية مع الشهيد خبات الذي كان يتوقف على فعاليات فرقة هيزل في تربة سبية والذي يعرف الآن بفرقة الشهيد خبات .بعدما ينهي رفيق عاكف خبات من دراسته الثانوية بتربة سبية في عام 1987يتوجه إلى محافظة حلب ليتمكن من إتمام دراسته الجامعية في جامعة حلب، ويدرس معهد الطب،وهناك في الجامعة يقوم الرفاق بتنظيم الطلبة الثورية  ما بين أعوام 1987 و1988و  بتشكيل المجموعات التدريبية المغلقة لمدة ثلاثة أشهر كخطوة أولى، ورفيق عاكف من إحد هؤلاء الطلبة الثورية الذين انضموا إلى ذلك التدريب  تعرف من خلاله على كوادر الحزب من القريب وانضم إلى الفعاليات التنظيمية للشبيبة في الجامعة، ولعب دوراً ريادياً وهاماً في التنظيم الكتلة الشبيبة الوطنية ضمن جامعته، ويتوقف على مجموعات التدريبية للطلبة والمثقفين في الجامعة التي كان يبقى فيه، كان مثقفاً وذكياً حاز على مستوى من الفكر الإيديولوجي و التنظيمي في أقصى زمن، وكما كان يملك القوة والمعرفة والتعمق على حرب الكريلا. وأثناء وجوده في حلب قام بكتابة منشور حول كيفية تطوير حرب الكريلا، وبسبب قوته ومعرفته الإيديولوجية  لم يعيش الرفيق عاكف أي تردد في قراره مثلما كان يفعلون العديد من الشباب والطلبة الكرد في الجامعات، بل كان تعرفه وقرار انضمامه إلى الحزب واحدة.

فيما بعد وعند الانتهاء من التدريب يرسل إلى عائلته رسالة لكي يخبرهم عن قراره لانضمام إلى الحزب بإرادته وهو يبدأ الرسالة بالعبارات التالية:" لا يحق للكردي الذي لم يخدم الكردياتية أن ينطق بكلمة أنا كردي لأن الكردياتية تعني القيام بالكفاح الدءوب في سبيل إنقاذ شعبه وكرامته الكردية من تحت النير العبودية، والظلم، والإهانة وكل من يهدد حياته، بقدر ما تقوم بالنضال الحرية من أجل شعبك بقدرها يحق لك أن تقول أنا كردي،  لأن تحرير الأوطان يتم بالكفاح وعرق الجبين، لهذا علينا أن نرفع العلم الذي تركه لنا كل من كمال بير ومظلوم دوغان وخيري دورموش" . بعد ذلك وفي عام 1989 يلحق  بأكاديمية معصوم قورقماز في لبنان وهناك يتلقى تدريبه العسكري، والسياسي ويصبح مصدراً للثقة بين رفاقه ويقوم بكل المهام والواجبات التي يقع على عاتقه بأكمل وجه، بعد الإنهاء من دورته التدريبية، يرسله القيادة إلى منطقة الجزيرة ويناضل من مدينته تربة سبية ويقوم بتسيير الفعاليات من هناك لمدة ثلاثة أشهر، بعدها يتواجه إلى الشام ويبقى هناك لفترة وجيزة أي حتى عام 1990.

يتوجه الرفيق عاكف في بداية عام 1990 إلى ساحة الحرب الساخنة في جنوب كردستان، ويبقى في منطقة خاكوركة وهناك يتعرف على حياة الكريلا من القريب وينضم إليه بالحب والهيجان الكبير، بعدما يتأقلم مع هذا الحياة التي تصبح جزءً من البدن والجسد يذهب إلى إيالة زاغروس، التي تعرف" بهلال الخصيب، ومهد الحضارة الإنسانية"، تلك الجبال الوعرة التي تصد طرقها ومضيقاتها أمام دخول جيش الإسكندر المقدوني، ويبقى في منطقة هركي كما يقوم بمهمة قائد الفصيلة هناك،و ينضم إلى العديد من العمليات العسكرية التي يقوم به الرفاق في تلك المنطقة وحتى هو بذاته يخطط لعديد من العمليات، وفي عام 1992 يخطط كل من قوات خاكوركة وجوقورجة لقيام بعملية كبيرة على المخفر بيزالة التابعة لمنطقة جوقورجة بتاريخ 12 أيلول جواباً على انقلاب العسكري الذي قام به النظام الفاشي التركية في عام 1980.

كانت لهذه العملية مكانة هامة لدى جميع قوات الكريلا متواجدين في كل من ايالة زاغروس وجوقورجة وكانوا يعتبرونها الضربة الصاعقة لقوات العدو، يقوم الرفيق عاكف مع مجموعة من القياديين العسكريين متواجدين في المنطقة بالكشف والتخطيط والتحضير جميع المعدات العسكرية وللوجستيكية لهذه العملية،ينضم إلى هذه العملية 150 رفيقاً. بدأ جميع الرفاق بالمسير مع ظهور أولى خيوط الشروق على وجه الأرض، وهم يدبون الأرض بأقدامهم وبوادر النصر تشع من عيونهم كان كل واحد منهم يخطط للمستقبل الحر، إلى حيث إنقاذ أمل الملايين من بين براثنه اللوياثان. وعندما كانوا يقطعون تلك الوديان والجبال الوعرة و يدخلون في الحقول المزروعة بالألغام، ومع سماع  الرفاق ذوي انفجار الغم لم يرو سوى الرفيق كريم وهو شهيد، وكما يصاب رفيق أخرفي الانفجار، الرفيق كريم هو من كان سيقود مجموعة الهجوم في العملية، ولكي لا يتم إلغاء العملية التي ينتظره الرفاق بفارغ الصبر، يقوم الرفيق عاكف  بالمهمة التي كان من المفترض أن يقوم به الرفيق شهيد كريم، وهو يرى نفسه مهيئاً لقيادة مجموعة الهجوم أثناء تطبيق العملية، علماً أن الرفيق عاكف كان يأخذ مكانه في خط الدفاع حسب تخطيط العملية، لكن مرة أخرى، تظهر روح المسؤولية والرفاقية التي كان يعرف به الرفيق عاكف، لم يترك رفاقه محتارين من أمرهم ولم يخيب امل رفاقه وشعبه في إنجاز تلك العملية المصيرية.

بعد تمركز جميع الرفاق في أماكنهم المخصصة لهم، ويبدأ الرفاق بالعملية يتم القضاء على جميع قوات العدو المتمركزة في المخفر ويقوم الرفاق بتنظيف جميع خنادق العدو، بعد ذلك يبدأ الرفاق بالانسحاب بينما مجموعة الهجوم التي يقودها الرفيق عاكف وهم يدخلون المخفر لكي يجمعوا جميع المعدات والأسلحة التي تركها العدو ورائهم وهم هاربين لكي يفروا بجلودهم، بينما وهم يجمعون الذخيرة تأتي فرقة العساكر الموجودين في هركي، والذين يقومون بحماية المخفر ويحاصرون مجموعة الرفيق عاكف ويبدأ الهجوم بينهم حتى المساء، والآن الرفاق الآخرين منسحبين من مكان العملية لم يتمكنوا من حماية الرفاق المحاصرين لهذا يقوم تلك المجموعة بالمقاومة الباسلة والجبارة حتى ينهي جميع الذخيرة التي كانت بحوزتهم لم يكتفوا بذلك فحسب بل يستخدم الرفاق جميع الأسلحة والذخيرة التي رفعوها من المخفر، وبعدما يعرفون بأن ليس هناك نجاة من هذه المحنة يجتمع الرفاق في ساحة قرية بزالة ويبدؤن بدبكة وكما يقوم رفيقان بانفجار الألغام اليدوية التي متبقية في حوزتهم بوسط الدبكة وهكذا يتم استشهاد الرفيق عاكف مع سبعة الرفاق الذين كانوا معه في خط الهجوم.